الخميس، 17 نوفمبر 2016

التربة المناسبة للزراعة المنزلية



من العجيب والغريب أن فطرة البقاء التي أورثها الله سبحانه وتعالى للكائنات الحية تجعل كثيراً من النباتات قادرة على النمو والازدهار في بيئات قد تبدو غريبة أو صعبة للغاية.
ويعتبر أمر اختيار التربة المناسبة للزراعة المنزلية أمراً صعباً وسهلاً في نفس الوقت. ومن خبرتي الشخصية، فقد وجدت أن التربة المحتوية على كمية أكبر من الرمل تكون الأوفر حظاً في إنبات معظم النباتات، بينما تقتصر فرص الإنبات في التربة الطينية الثقيلة أو اللزجة على بعض النباتات فقط. فعلى الرغم من ثراء التربة الطينية الثقيلة، إلا أن لزوجتها وتماسك جزيئاتها يجعل المهمة صعبة على جذور النباتات للنمو والامتداد بالشكل المطلوب. كما أن تماسك التربة الطينية يقلل فرص تهويتها ووصول الأكسجين إلى أعماقها، مما يزيد بالتالي من فرص تكاثر البكتيريا اللاهوائية التي تضر بالجذور (ولكنها تثري التربة بالمزيد من العناصر الغذائية)

صورة لتربة البيتموس وسماد الكومبوست الجاهز
صورة لتربة البيتموس وسماد الكومبوست الجاهز - الصورة من موقع "جحا دوت كوم"
تربة البيتموس وسماد الكومبوست
توضح الصورة عنصرين من العناصر التي يمكن استخدامها في إثراء وتحسين خواص التربة للزراعة المنزلية:
1- تربة البيتموس
2- سماد الكومبوست

تربة البيتموس

تربة البيتموس Peat Moss هي تربة طبيعية مصدرها غابات متحللة منذ عشرات وربما مئات الآلاف من السنين، وصلت أليافها إلى درجة الثبات التي لايحدث بعدها أي تحلل، وفي نفس الوقت تحتفظ بقدر هائل من المغذيات الطبيعية التي احتوتها هذه الغابات وأشجارها. هناك أمر غريب هنا، وهو أن معظم البيتموس المستخدم في جميع أنحاء العالم مصدره يرجع إلى أيرلندا Ireland دوناً عن كل بلاد وغابات العالم!!
يمكن استخدام تربة البيتموس مباشرة بدون خلط، كما يمكن إضافتها لمواد أخرى لإثراء الخليط النهائي. وبعيداً عن مدى ثراء تربة البيتموس واحتوائها (افتراضياً!!) على معظم أو كل العناصر الغذائية السمادية التي يحتاجها النبات، فمن أهم خصائص تربة البيتموس هي أنها تقوم بخلخلة التربة الطينية الثقيلة وتحويلها إلى تربة هشة صالحة للزراعة، تبعاً لمقدار البيتموس الذي يتم إضافته للتربة الطينية. أنا عن نفسي أستخدم تربة البيتموس لهذا الغرض بشكل رئيسي.

ونتابع لاحقاً بمشيئة الله على نفس هذه المدونة بعض المعلومات المبسطة حول سماد الكومبوست Compost Fertilizer

سماد الكومبوست

الكومبوست هو سماد عضوي مصنوع من مخلفات نباتية متحللة. يعتبر الكومبوست من الأسمدة التي تستخدم بكثرة في الزراعات المنزلية كزراعة البلكونات أو زراعة الحدائق المنزلية أو زراعة الأسطح. ذلك لأن الأصل النباتي للسماد يجعل تداوله آمناً، على خلاف السماد البلدي (أو السباخ) الذي ينتج من مخلفات حيوانات المزرعة والدواجن، والذي يمكن أن يحمل بعضاً من الكائنات الممرضة للإنسان والتي يشترك فيها مع الحيوانات والطيور ومنها على سبيل المثال وليس الحصر مرض إنفلونزا الطيور مثلاً.
يستغرق الكومبوست مدة تتراوح بين شهرين وسنة كاملة لتمام "نضجه" أو تخمره، يقع خلالها تحت تأثير عدة عوامل تحلل منها يرقات الحشرات وديدان التحلل، والبكتيريا الهوائية، والبكتيريا اللاهوائية.
والكومبوست هو من الأسمدة التي يمكن إعدادها في المنزل بسهولة باستخدام مخلفات جميع الفواكه والخضروات التي تستخدم في المنزل، ولا تستخدم فيه أية مكونات حيوانية، باستثناء قشر البيض فقط، والذي يعتبر عنصراً شديد الأهمية في إنتاج الكومبوست، وذلك لأسباب قد لايتسع المجال لذكرها في هذه الصفحة، وقد يتم إفراد صفحة أخرى لها ضمن نفس مدونة "الزراعة المنزلية" التي تقرأونها الآن.


وهناك طرق متعددة لاستخدام سماد الكومبوست:
1- بالخلط مع التربة في حالة تجهيز تربة جديدة
2- بالنثر على سطح التربة في حالة التربة المزروعة
3- بعمل "شاي الكومبوست" وهو ما أفضله أنا شخصياً، ولكني أستخدم فيه كومبوست مصنوع منزلياً. يصنع شاي الكومبوست من إذابة قدر من سماد الكومبوست في الماء لعمل محلول داكن اللون يستخدم -تبعاً لتركيزه- في تسميد النباتات بإضافة كمية من الشاي للنبتة قبل أو بعد الري (ويفضل قبل الري)
.
أما بالنسبة للكميات المستخدمة فهي ليست كميات حرجة، بمعنى أنها لاضرر منها إذا زادت أو نقصت، وتعتمد بشكل رئيسي على قوة الكومبوست والتي تختلف بشكل كبير جداً جداً من "خلطة" لأخرى ومن صنف لآخر، ولاتوجد أية طريقة علمية لمعايرة هذه القوة إلا بالتحاليل المعملية لعناصر معينة.
على سبيل الاحتياط ومن أجل تفادي التراكيز المرتفعة والتي قد تضر بالنبات، لنقل مبدئياً أنه بالإمكان استخدام كمية تتراوح بين ملعقتين كبيرتين و 4 ملاعق على الأصيص سعة 15 سم على أن تكون الملاعق "مطرعمة"، أي ممتلئة بارتفاع، سواء للخلط أو للنثر على السطح. أما بالنسبة لشاي الكومبوست فيعتمد على الكمية التي نريد إنتاجها.. ولنقل مثلاً أن المتوسط هو في حدود 5 ملاعق كبيرة على قارورة لتر ونصف من الماء، ومن المفترض أن يكون هذا المحلول مركزاً فيضاف القليل منه مع عملية الري Fertigation with Compost Tea.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق